الاتحاد السوفييتي

تعرف على الاتحاد السوفييتي

 

 

كانت نهاية الإمبراطورية الروسية وإعلان اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ثورة غيرت النظام العالمي ، وكذلك نهاية وانهيار الاتحاد السوفيتي والإعلان الجديد لكومنولث الدول المستقلة (CIS) الذي غيرت الخريطة السياسية للعالم. بينما أدت الثورة الأولى في عام 1917 إلى تقسيم النظام العالمي ،و أدت الثورة الثانية في عام 1991 إلى عالم من الفوضى. وكان من الصعب فهم سبب الثورة الثانية ما لم نعرف نتيجة الثورة الأولى  ، لأن هناك علاقة سببية بين نتائج ثورة 1917 ودوافع ثورة 1991.

 

الاتحاد السوفييتي
الاتحاد السوفييتي

 

 

وهكذا ، استمر الاتحاد السوفييتي رسمياً من عام 1917 إلى عام 1991 ، قبل الإعلان الرسمي عن نهايته كاتحاد وقوة عظمى ، وكانت هناك بوادر مباشرة وغير مباشرة بدأت بوفاة الرئيس ليونيد بريجنيف عام 1982 ، وبدأت هذه العلامات عام 1982.  وتصاعدت الأحداث بسرعة بعد وصول الرئيس ميخائيل جورباتشوف إلى السلطة في عام 1985.

 

كان الاتحاد السوفيتي، في معظم فتراته، حليفاً سياسياً للعالم العربي ومصدراً من المصادر الأساسية لتمويله بمختلف السلع الإستراتيجية خاصة الأسلحة، كذلك كانت المعادلة الدولية على قدر كبير من التوازن، حيث كان النظام الدولي يتميز بالثنائية القطبية، ومن ثم يمكن القول: إن العالم العربي قد خسر حليفاً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً قوياً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ومن الواضح أن هذا الانهيار قد قضى على النظام الدولي القديم، الذي قام على التوازن بين قوتين عظميين تتزعمان معسكرين متضادين، حكمته قواعد الحرب الباردة وضوابطها.

 

وقد قضى هذا الانهيار على الشكل السابق للقارة الأوروبية، وخرجت أوروبا الشرقية تنفض عن كاهلها غبار الانهيار، وتعيد صياغة مجتمعاتها واقتصادياتها، للحاق بأوروبا الغربية الأكثر تقدماً، بدلاً من الصراع والعداء معها، فضلاً عن إعادة توحيد ألمانيا وما تحمله من فرص واحتمالات عديدة، والتفكك السلمي لتشيكوسلوفاكيا، ثم انتقال عدوى التفكك تجاه الاتحاد اليوغسلافي وتصاعد الصراعات العسكرية نتيجة هذا التفكك.

 

غير أن أكثر مشاهد الانهيار إثارة وخطورة كان، انهيار الدولة السوفيتية ذاتها وتفككها، فقد فاق هذا الانهيار في حجمه وعمقه وسرعته، كافة توقعات الباحثين وتحليلات المحللين، بمن فيهم من كان أكثرهم رفضاً للاتحاد السوفيتي.

 

ولا تكمن خطورة هذا الحدث في تفكك قوة عظمى إلى عدد من الدول المستقلة ذات السيادة فقط، وإنما تكمن في انهيار الإيديولوجية [1]اللاحمة لهذا البناء، أي الأيديولوجية الماركسية  اللينينية، وليس المقصود هنا هو انهيار الفكر الاشتراكي أو اختفائه عموماً أو الماركسي خصوصاً، فهذا الفكر جزء لا يتجزأ من تراث الإنسانية، كان ولا يزال له إسهامه المميز في دفع وترقيه الفكر الإنساني كله، وله جوانب ضعفه، وأيضاً جوانب قوته.

 

ولكن ما انهار هو تلك الصيغة الأيديولوجية المحددة التي يصب فيها هذا الفكر، وانطوت على نقد المجتمع الرأسمالي، وتصور مثل أعلى بديل له وهو المجتمع الشيوعي، وآليات الانتقال إليه. وما حدث في الاتحاد السوفيتي السابق، لم يعن أن تطبيقاً خاطئاً للأيديولوجية قد فشل، ولكنه يعني بالأساس أن العناصر الأساسية لتلك الأيديولوجية هي التي ثبت فشلها وخطؤها.

 

ولذلك لم يكن غريباً أن يكون الانهيار الذي وقع في الاتحاد السوفيتي مركزاً لزلزال شدید هز مواقع وأفكار كثيرة في كافة أنحاء العالم، واستلزم مراجعه شاملة لمنظومة كاملة من الأفكار والمفاهيم والتطبيقات.

 

والواقع أن سقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره، بوصفه انهيار الإمبراطورية، ليس ظاهرة فريدة في التاريخ الحديث أو الوسيط أو القديم، فليس تهاوى الشيوعية السوفيتية جديداً في دورات التاريخ، فقد حكم التاريخ بالموت على النظم التي أضحت عائقاً أمام التقدم، وانهيار الشمولية السوفيتية قد سبقه تداعى الشمولية النازية والفاشية، والهزيمة في الحرب الباردة تبدو نتيجة منطقية بأن استخدام القوة غير العسكرية بمقدوره تحقيق أهداف الحرب بوسائل أخرى، إن هدم دعائم النظام القديم - وخاصة الجهاز الدولي الشمولي - في عهد ميخائيل جورباتشوف، قد عجل بانهيار القوة العظمى السوفيتية.

 

إن سرعة انهيار الإمبراطورية والشيوعية والشمولية الاتحاد السوفيتي، تم على نحو لم تتوقعه أكثر التنبؤات الأيديولوجية تفاؤلاً، كما أن تداعيات الانهيار لا سابق لها من حيث شمولها للجوانب الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية وغيرها، مما يبرز التأريخ به بداية لتشكيل نظام عالمي جديد.

 

تظهر أهميتها في أنها مثلت الحرب الباردة نزاعًا أيديولوجيًا بين الولايات المتحدة الرأسمالية والاتحاد السوفيتي الشيوعي وحلفائهما، وعلى الرغم من وصفها بالحرب إلا أنها لم تكن مواجهة عسكرية مباشرة بين الجانبين وتُعرِّف المؤرخة ميريام ويبستر الحرب الباردة بأنها "صراع على الخلافات الأيديولوجية يتم تنفيذه بأساليب أقل من العمل العسكري الصريح المستمر وعادةً دون قطع العلاقات الدبلوماسية".

 

تذبذبت التوترات والأعمال العدائية بين القوتين العظميين خلال القرن العشرين ، وأصبحت أقوى في نهاية الحرب العالمية الثانية ، قبل أن ينهار الصراع أخيرًا في أوائل التسعينيات.

 

لم تكن الحرب الباردة حربًا بالمعنى التقليدي رغم أنها شهدت اندلاع نزاع مسلح كما حدث في فيتنام وكوريا، ووفقًا لأود آرني ويستاد ، أستاذ التاريخ في جامعة ييل ، يصعب تحديد محرض الحرب الباردة، لأن الصراع ظهر تدريجيًا من الاختلافات الأيديولوجية.



[1]  الايديولوجية : تعني الفكر السياسي للدولة , وقد تعني كذلك الفكر العسكري أو العقيدة العسكرية للدولة

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

مقالات مشابة
عن الناشر

كاتب محتوي مقالات ولدي خبرة في إعداد البحوث العلمية ورسايل الماجستير في مجالات التربوي والتاريخ والجغرافيا ومجال الادارة والاقتصاد والسياسة والقانون لدي العديد من الدول الاسيوية والأفريقية خبرة أكثر من ست سنوات .

مقالات رائجة
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
أكتوبر 12, 2022, 11:29 ص Business man