الملك الذي اضاء قبره بعد موته

الملك الذي اضاء قبره بعد موته - قبر النجاشي

 

 

 قبر النجاشي
الملك الذي اضاء قبره بعد موته - قبر النجاشي

 

الملك الذي صلى عليه رسول الله وباعه عمه في الاسواق فنزلت علي عمه صاعقة من السماء فقتلته

النجاشي ملك بلاد الحبشة رحمه الله وغفر له

 

هذه الصورة التي ترونها الآن أيها الكرام هي لضريح هذا الملك العادل، وهذه صورة وبجواره مقابر الصحابة الذين ماتوا في أرضه وكان عددهم تقريبا خمسة عشر صحابيا. 

 

عندما تكون ملك وإبن ملك. وفجأة تجد نفسك. تحولت الي عبد يباع في الأسواق و لما ربنا عز وجل يعيد لك الملك تاني وينجيك من العبودية والذل. 

 

قصة اليوم هي قصة رجل في قلب إفريقيا رجل حكم إمبراطورية عظمى تساوي تقريبا إمبراطورية الفرس والروم، لكن هذا الرجل لم يؤثر عليه المُلك ولم تغير الدنيا طبعه، فكان أعدل الناس في زمانه.

 

  قصة اليوم هي قصة رجل عاش عادلا ومات مسلما. عاش هذا الرجل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه للأسف لم يتشرف بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات. قصتنا اليوم هي قصة النجاشي ملك بلاد الحبشة رحمه الله وغفر له.

 

 اسم النجاشي الحقيقي هو اصحمه ابن أبجر والده كان ملك الحبشة وحاكمها.

 

 

عمه يقتل اباه وتنزل صاعقة من السماء تقتله 

 

 

 وتبدأ قصتة من هذا اليوم الذي قام فيه مجموعة من السياسيين بقيادة عمه بمؤامرة على أخيه الملك، وبالفعل نجحت المؤامرة وقُتل الملك والد أصحمة على يد عمه، وأصبح ملك بلاد الحبشة هو عم أصحمة كان أصحمة في هذا الوقت سنه أقل من تسع سنوات بكثير، فانتقل للعيش مع عمه الذي قتل والده الملك، وكان أصحمة لبيبا حازما وتغلغل حبه في قلب عمه ونزل منه بكل منزلة فخشي الخونة الذين قتلوا الملك والد أصحمة من مكانة أصحمة من عمه فقالوا فيما بينهم والله.

 

لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه وإنا لنتخوف أن يملكه علينا وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين. لقد عرف أنا قتلنا أباه فمشوا إلى عمه، فقالوا له إما أن تقتل هذا الفتى أو أصحمة، وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فإنا قد خفنا به على أنفسنا قال لهم الملك ويلكم قتلت أباه بالأمس وأقتله اليوم، بل اخرجه من بينكم فخرجوا به إلى السوق فباعوه كالعبيد اشتراه رجل من التجار بستمائة درهم.

 

 فقد قذفه في سفينة ثم انطلق به قيل أنه جيء به إلى جزيرة العرب وعمل فيها راعيا للغنم عند سيده، وكان يرعى الغنم بالتحديد قريبا من منطقة بدر، حتى أنه لما وصل بعد ذلك خبر نصر النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في بدر قال ذاك مكان كنت أرعى فيه الغنم .

 

 تحول أصحمة الملك ابن الملك بين ليلة وضحاها إلى عبد يرعى الغنم لسيده حتى شاء الله عز وجل، وأراد أن يرد عليه ملكه فهاجت في بلاد الحبشة سحابة من سحائب الخريف، فخرج عمه ملك بلاد الحبشة يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته. ففزعت الحبشة إلى ولد من أولاده ليجعلوه ملكا. فإذا هو أحمق لا يعقل شيئا ولا يحسنه، فاشتعلت نار الفتنة في بلاد الحبشة. 

 

كل يريد الملك لنفسه حتى اجتمع القادة بعضهم ببعض فقالوا تعلمون والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم يعني أصحمة فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه الآن فخرجوا يبحثون عن أصحابه في كل مكان، فبحثوا عن الرجل الذي باعوا له أصحمة فوصلوا إليه سألوه أين أصحابه فأخبرهم بمكانه الذي باعه فيه، وأنه موجود في جزيرة العرب بالقرب من بدر.

 

ملك النجاشي وهو اقل من تسع سنوات

 

 فجاء الوفد واصحمة يرعى الغنم فانحنوا له وعقدوا عليه التاج وعادوا به إلى بلاد الحبشة، وأقعدوه على سرير الملك وجعلوه ملكا عليهم، وتحول اسم أصحمة إلى النجاشي والنجاشي هو لقب يطلق على كل من يحكم بلاد الحبشة، وكان سن أصحمة النجاشي في هذا اليوم الذي تولى فيه الملك تسع سنوات تقريبا، وبعد سنوات من حكمه انتشر عدله بين الناس وذهبت سيرته الطيبة إلى كل مكان.

 

النجاشي ملك عادل لايظلم عنده احد 

 

 حتى أن سيرة النجاشي وصلت إلى الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، ففي السنة الخامسة للدعوة اشتد الأذى بالمسلمين في مكة فنصح النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بترك مكة والهجرة إلى الحبشة، وأخبرهم أن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد.

 

ملك عادل في حكمه كريم في خلقه، فخرج الكثير من المسلمين من مكة في جزيرة العرب إلى بلاد الحبشة، وكان عددهم في ذلك الوقت ثمانين رجلا غير الأطفال والنساء.

 فلما علمت قريش بذلك انزعجت فأرسلت إلى النجاشي وفدا مكونا من عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة، وأرسلوا معهما بالهدايا كرشوة حتى يقبل النجاشي أن يعيد المسلمين إلى مكة.

 

فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع من طرف المسلمين فدعاهم النجاشي فاختاروا متحدثا رسميا باسم المسلمين، وهو جعفر بن أبي طالب 

رضي الله عنه. ابن عم رسول الله. فلما دخلوا على النجاشي لم يسجدوا له. فقال لهم النجاشي ما منعكم أن تسجدوا لي. فقال جعفر إنا نسجد لله الذي خلقك وملكك وإنما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان فبعث الله فينا نبيا صادقا وأمرنا بالتحية التي رضيها الله وهي السلام تحية أهل الجنة فعرف النجاشي أن ذلك حق وأنه موجود عندهم في التوراة والإنجيل.

 

المناظرة بين المسلمين والمشركين 

 

 فأمر النجاشي ببدء المناظرة بين جعفر بن أبي طالب متحدثا عن المسلمين وبين عمرو بن العاص متحدثا عن أهل مكة من المشركين. 

 

قال عمرو بن العاص لجعفر رضي الله عنه تكلم فقال جعفر للنجاشي سله أعبيد نحن أم أحرار، فإن كنا عبيدا أبقنا من أربابنا فارددنا إليهم فقال عمرو بن العاص بل أحرار كرام فقال هل أرقنا دما بغير حق فيقتص منا؟ فقال عمر لا فقال جعفر هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها؟ فقال عمر لا فقال النجاشي عند ذلك متعجبا لعمر بن العاص فما تطلبون منهم

 فقال عمر أيها الملك إنا كنا نحن وهم على أمر واحد على دين آبائنا فتركوا ذلك واتبعوا دينا جديدا. فقال النجاشي لجعفر ما هذا الذي كنتم عليه وما الدين الذي تبعته. فقال جعفر رضي الله عنه أما الذي كنا عليه فتركناه هو دين الشيطان. كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة ونأكل الربا ونفعل الزنا ونشرب الخمور.

 

وأما الذي تحولنا إليه فهو دين الله الإسلام جاءنا به من عند الله رسول نعرف نسبه وصدقه وأنزل الله عليه كتاب مثل كتاب ابن مريم موافقا له، فقال النجاشي لجعفر تكلمت بأمر عظيم فعلى رسلك ثم أمر النجاشي بضرب الناقوس.

 

اسلام النجاشي 

 

 فاجتمع إليه كل قسيس وراهب في مملكته، فقال لهم النجاشي أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى هل تجدون بين عيسى وبين يوم القيامة نبيا؟ فقالوا اللهم نعم قد بشرنا به عيسى وقال من آمن به فقد آمن بي ومن كفر به فقد كفر بي .

 

 فقال النجاشي عند ذلك لجعفر ماذا يقول لكم هذا الرجل يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا يأمركم به وماذا ينهاكم عنه؟ فقال جعفر يقرأ علينا كتاب الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الأرحام وبر اليتيم ويأمرنا بأن نعبد الله ولا نشرك به فقال النجاشي هل معك مما جاء به من عند الله شيء فتقرأه علينا فقرأ جعفر رضي الله عنه سورتي العنكبوت والروم ففاضت عينا النجاشي من الدمع ولم يبق أحد من القساوسة إلا وبكى

 فأراد عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه أن يغضب النجاشي فقال إنهم يشتمون عيسى وأمه فقال النجاشي ما تقولون في عيسى وأمه، فقال جعفر لا نقول إلا ما علمنا رسول الله هو عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، ثم قرأ عليهم جعفر رضي الله عنه صورة مريم فبكى النجاشي بكاء شديدا مريرا ورفع قشة من الأرض، ثم قال والله ما زاد المسيح على ما تقولون قدر هذا العود

 فهاج القساوسة والبطارقة من حوله وقالوا  للنجاشي إنك قد فارقت ديننا وخرجوا عليه. وبدأ المُلك يخرج من سيطرة النجاشي، فأرسل النجاشي إلى جعفر وأصحابه من المسلمين فهيأ لهم سفنا وقال اركبوا فيها وكونوا في البحر كما أنتم فإنه هُزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم وإن ظفرت فارجعوا مرة ثانية.

 

النجاشي يحافظ علي اسلامه وملكه ويحمي المسلمين في ارضه 

 

 ثم قام النجاشي إلى كتاب فكتب فيه كلمات أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. ويشهد أن عيسى ابن مريم عبدالله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم، ثم وضع هذا الكتاب عند كتفه الأيمن، ثم خرج إلى الناس وهم مجتمعون يتظاهرون ضده، فقال النجاشي يا معشر الحبشة ألست أحق الناس بكم. قالوا بلى قال فكيف رأيتم سيرتي فيكم؟ قالوا خير سيرة قال فما بالكم خرجتم علي. قالوا فارقت ديننا. وزعمت أن عيسى عبد فقال النجاشي فما تقولون أنتم في عيسى. قالوا نقول هو ابن الله فقال النجاشي هو يشهد أن عيسى ابن مريم لم يزد على هذا شيئا، وأشار بيده هكذا على الورقة التي وضعها على كتفه الأيمن يعني يقصد أنه يشهد أن عيسى بن مريم هو عبد الله ورسوله وليس ابن الله فرضي بذلك الحبشة وظنوا أنه يقول كما يقولون وانصرفوا عنه.

 

 واستطاع النجاشي بذكائه أن يقضي على الفتنة وأن يحافظ على إسلامه وأن يحافظ على ملكه.

 

 النبي صلي الله عليه وسلم  يصلي علي النجاشي

 

عاش النجاشي رضي الله عنه مسلما مؤمنا بالله ورسوله حاميا لوجود الإسلام في دولته في بلاد الحبشة، حتى جاءت لحظة رحيله من هذه الحياة في شهر رجب في العام التاسع للهجرة النبوية. توفي النجاشي رحمه الله تعالى جاء الخبر إلى رسول الله بوفاة النجاشي في نفس اليوم، فعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلموا فصلوا عليه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصففنا ونحن صفوف متفق عليه.

 

 وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات رواه الجماعة، وفي لفظ نعى النجاشي لأصحابه، ثم قال استغفر له ثم خرج بأصحابه إلى المصلى ثم قام فصلى بهم كما يصلي على الجنازة. رواه الإمام أحمد.

 

 وعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه قال فقمنا فصففنا عليه كما يصف على الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.

 

 كان النجاشي يرحمه الله من أكثر الناس تواضعا، فقد دخلوا يوما عليه فوجدوه جالسا على التراب بثياب رثة وهو يبكي ففزع مستشاروه وسألوه عن حاله، فقال إن الله إذا أحدث على عبده نعمة أحب أن يرى تواضعا وشكرا.

 

 كان النجاشي رحمه الله ذاكرا لنعمة الله عليه، إذ نجاه من العبودية وأعاد عليه ملكه وملك آبائه، فلما دخل عليه عمرو بن العاص بأموال ورشاوى ليرد معه المسلمين قال له النجاشي ويحك يا عمرو ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في وأطيعوا الناس فيه.

 

هذه الصورة التي ترونها الآن أيها الكرام هي لضريح هذا الملك العادل الذي كان عبدا راعيا للغنم فرد الله عليه ملكه، وهذه صورة قبر النجاشي قبل التجديد التركي لها وبجواره مقابر الصحابة الذين ماتوا في أرضه وكان عددهم تقريبا خمسة عشر صحابيا وبالقرب من قبر النجاشي رضي الله عنه. يوجد ضريح الصحابي عدي بن النضير رضي الله عنه الذي مات قبل النجاشي وشارك النجاشي نفسه في دفنه.

 

 كما توجد خمسة قبور أخرى للصحابة بجوار قبر النجاشي عن عروة بن الزبير رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها قالت لم مات النجاشي كان يُتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور، وبجواره مقابر لخمسة من الصحابة منهم حاطب ابن الحارث وسفيان ابن معمر وعبدالله بن الحارث رضي الله عنهم جميعا. فرحم الله النجاشي ورضي عنه وأسكنه جنته وجمعنا وإياكم مع النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في جنته. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

مقالات مشابة
عن الناشر
مقالات رائجة
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
أكتوبر 12, 2022, 11:29 ص Business man