تأثير الأصحاب علي الطبائع والأخلاق
لا أعلم أخطر على الإنسان من الصاحب السوء من شياطين الإنس , فإنه أخطر من الشيطان الرجيم لعنه الله , وإن كان الشيطان هو العدو الأول للإنسان فإن الصاحب معلوم أنه ساحب إما إلى الخير وإما إلى الشر , فعلينا أن نحسن في اختيار الأصدقاء ولا نقرب أحداً منا إلا من عُلم صلاحه , ولتكن علاقتنا مع الصديق السوء محدودة إلى حد ما والأولي قطعها [وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ]
أخي .... الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين فإن استطعت أن يكون أصدقاؤك من أهل التقوى فقط فافعل , ولا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقياً .
فيا عباد الله كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة .
وكما قال مصدر الارتواء : المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل . رواه الحاكم،وصححه ووافقه الذهبي.
وصدق الشاعر والله لما قال :
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقارن يقتدي.
والإنسان دائماً يهوى من كان علي شاكلته كما قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: {وكامل الإيمان أولى، لأن الطباع سراقة}
ولذلك قيل:
ولا يصحب الإنسان إلا نظيره *** وإن لم يكونوا من قبيل ولا بلد.
وإنى لأعلم أن خطورة صديق السوء معلومة لدى الجميع لكن لابد من النصح والتذكير , فإن الإنسان ينسى ويتناسى ويحتاج لمعين ومن ثم مذكر .
هذا وأعلم بأن الظروف والأقدار قد تحكم بالاختلاط بشياطين الإنس وإن كنت غير راغب في ذلك فكن على حذر مستعيناً بالله تعالى مؤثراً لا متأثراً .
فإياك وصديق السوء واجعل هجره علاجاً لترك المعاصي مع نصحه بحذر شديد والله المستعان فإنك مأمور بالنصح وإرشاد أهل الغفلة والمعصية , فالدعوة مع مثل هؤلاء تكن بحذر خشية أن تقع فيما وقعوا فيه وأن تتأثر بهم ولا تؤثر فيهم .
فعليك بالانعزال إلا لنصح وأمر بمعروف ونهي عن منكر لقوله صلي الله عليه وسلم عند مسلم : الدين النصيحة ... وإذا تكاسلت تذكر قول حبيبك عند البخاري ومسلم : ( لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم)
ولابد من اتخاذ صحبة صالحة لكي تأخذ حيزاً من اهتماماتك ووقتك وتعينك على نفسك وفتن الدنيا وشهواتها قال الله عز وجل : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) ( الكهف : 28 ) .
وكتبه : عمر عرفات
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق