صدمة نيكسون : كيف أحكمت أمريكا سيطرتها الاقتصادية على العالم !

 

الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون

كان نظام تقويم العملة بالذهب ،أي الاحتفاظ بكميات من الذهب تعادل قيمة العملات التي يجري طباعتها بشكل دوري ،هو النظام المعمول به والثابت في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة ،وأعتمد رسميا بشكل عالمي عام 1944م ،تبعا للنظام المعروف ببريتون وودز ،كان هذا النظام يضمن لمن لديهم مخزون من الدولارات استبدالها ،وقتما يشاءون ،بما يعادل قيمتها من الذهب .

لكن حينما وصل ريتشارد نيكسون الذي أنتخب رئيسا للولايات المتحدة في يناير 1969م كان رجلا مخاتلا ،وقد قرر إدخال تعديلات وتغييرات صادمة وغير متوقعة على كثير  من الأنظمة المعمول في بلاده ،خاصة في الشأن الاقتصادي ،لم يكن الخداع أمرا جديدا على " نيكسون " ،الذي حاذ لقب ديكي المخادع Tricky Dicky ،بسبب اشتهاره بالمخادعة والمراوغة ،حتى أنه ظل حتى لحظة ترشحه الأخيرة يخفي الأمر عن زوجته ،التي صدمت بترشحه لمنصب الرئاسة ،وهو الأمر الذي لم تكن تريده أبدا ،مما أثر على علاقتهما وعلى صورتهما معا حتى نهاية فترة حكمه ،قرر أن يتخذ إجراءات منفردة ،متجاهلا شيوعية الدولار الأمريكي ،كانت دول أوربا ،التي خرجت مدمرة من الحرب العظمي الثانية ،قد خزنت مقادير كبيرة من العملة الأمريكية الفتية ،لشراء المهامات والمعدات والمواد اللازمة لإعادة تعمير المدن والمناطق ،التي دمرت تماما بسبب الغارات الألمانية وويلات الحرب ،لا تعرف شيئا عن نية " نيكسون " غير المعلنة .

كان النظام النقدي المعمول به حينما يتيح لمالكي الدولارات تحويلها إلي ذهب وقتما يحبون ،أى أن هذا النظام كان يضمن قيمة العملة عبر تغطيتها بقيمة مساوية من الأونصات الذهبية .

غير أن " ديكي المخادع " قرر أن يستعمل الحيلة ،فبدلا من اللجوء إلي إجراءات مؤلمة ،فبدلا من العمل على توفير غطاء ذهبي للدولارات الجديدة التي تتم طباعتها بشكل دوري ،دون وجود غطاء ذهبي وهذه كارثة اقتصادية ،قام بفك ارتباط الدولار بالذهب ،مما يعني أن الدول والأفراد الذي يخزنون كميات كبيرة من العملة الأمريكية عليهم أن يقبلوا بمبدأ التعويم ،وعدم أحقيتهم على المطالبة بمقادير ذهبية مساوية لهم ،أو أن يمسحوا أنوفهم بالدولارات التي لم يعد لها قيمة فعلية !

فك الارتباط هذا أدي إلي نتائج كارثية لكن " نيكسون " أتخذ إجراءات مضادة لمنع حدوث تضخم مالي كارثي ،المقصود وجود عملات كثيرة دون غطاء ذهبي مما يخفض قيمتها بل ويجعلها أحيانا بلا أي قيمة ،كان الألمان في نهاية الحرب العالمية الثانية ،ونتيجة لقيام الحكومة النازية بطباعة مقدار كبير من الماركات العارية من الغطاء النقدي ،لتغطية نفقات الحرب الهائلة المتزايدة ،يستعملون عملتهم التي باتت في قيمة أوراق الصحف القديمة لتغطية زجاج نوافذهم !

لكن الرئيس الأمريكي قرر ،بعد هذه الضربة المفاجئة ،تجميد الأجور والأسعار لتسعين يوما ،لتفادي التضخم المتوقع ،وفرض ضريبة مقدارها 10% على الواردات ،لحماية المنتجات الأمريكية الوطنية !

برغم أن ( صدمة نيكسون ) لم تخلف وراءها ضحايا بالمعني المعروف ،لكنها كانت جريمة تاريخية كاملة ،فقد أدت إلي إجبار الدول على شراء كميات هائلة من الدولارات ،مثلما فعل البنك المركزي الياباني لحماية ما لديها من احتياطي نقدر دولاري من انخفاض قيمته ،كما تعمدت الولايات المتحدة خداع العالم ،باعتمادها نظاما نقديا يوحي بأن لديها تغطية ذهبية حقيقية لما تطبعه من دولارات ،وبالتالي أشتري العالم التروماي الأمريكي ،ليكتشفوا أن العملة التي لديهم عارية بلا غطاء ،ولكنهم مجبرين على منعها من السقوط ،خوفا من انهيار اقتصاديات بلادهم ،بعد أن احتفظوا باحتياطات ضخمة من الدولار .

تحرير سعر صرف الدولار ،المعروف بمصطلح تعويم ،وقد سكتت الدول مضطرة على هذه اللعبة القذرة ،لأنها كانت أول المضارين من مقاومة الإجراءات الأمريكية الجديدة !

صدمة نيكسون خلفت وراءها ملايين من ضحايا النظام المصرفي الأمريكي ،دون أن تسيل نقطة دم واحدة .. إنها جريمة كاملة حقا لم يحاسب أحد عليها حتى الآن !

جريمة بلا نقطة دم خلفت وراءها ألوف الضحايا !

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

عن الناشر
مقالات حالية
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
مارس 30, 2024, 2:32 م Shady Shaker
مارس 27, 2024, 1:58 ص نوره محمد
فبراير 28, 2024, 11:35 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:31 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:25 ص بسيونى كشك
فبراير 22, 2024, 7:36 م بسيونى كشك
فبراير 21, 2024, 9:31 م بسيونى كشك