لم يعد الخبر الصحفي مجرد وصف اعتيادي لحدث معين يحظى بالاهتمام ؛بل اصبح صناعة لها سماتها الخاصة.هذه الصناعة الصحفية دخلت وتفاعلت فيها عوامل عدة اسهمت في تطور اساليبها ووساءلها وطراءق ايصالها الى الجمهور .ان عملية جمع الاخبار و اعدادها وتوزيعها دخلت مرحلة مهمة من التطور الذي رافق ثورة الاتصال و المعلوماتية .
وهكذا نجد العملية الاخبارية قد تعقدت تبعا لعالم مليء بالصراعات المختلفة من ايديولوجية وثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية ؛تركت اثرها واضحا في العملية الاخبارية.ولقد امتد تاثير هذا التطور الاخباري الى صياغة الاخبار وقوالبها ولغتها واساليبها وطراءق ايصالها الى جمهورها المتخصص والعام .وهذا التقدم المتسارع لم تصاحبه فوضى في الاعداد والعرض ؛ بل تشكل في صناعة اعلامية تتنافس فيها الصحف والمجلات ووكالات الانباء والشبكات الاخبارية ومحطات الاذاعة والتلفزة .
واصبح في متناول الجمهور الحصول على الاخبار والتقارير والتحليلات من مصادر مختلفة مكنته ان يوازن ويفاضل ثم يختار .وقد دفعت هذه الحال بوساءل الاعلام المختلفة الى البحث الجاد عن افضل السبل والاساليب للوصول الى الجمهور العام ؛ وهذه غاية كل وسيلة اعلامية ناجحة .ان تطور عملية التغطية الاخبارية وتعدد اساليبها اديا الى بروز مصطلح "تكوين الاخبار"اوما يطلق عليه في ادبيات الاعلام "صناعة الاخبار" وهو مصطلح يشير الى حجم التغطية الاخبارية الهاءل ؛والى تصنيع الاحداث وتوزيعها بالوساءل الاخبارية المقروءة والمسموعة والمرءية ؛بعد اخضاع الاخبار التي يبرقها المراسلون لعملية تكرير ؛يخرج الخبر منها على شكل مادة خبرية مصنعة تحمل بصمات هذه الصحيفة او تلك الوسيلة الاخبارية .
ان الصحافة شانها شان الفنون الاخرى ؛خاضعة لقانون التطور الطبيعي ؛فضلا عن هدفها الاساسي ؛المتمثل في مواكبة الاحداث والتطورات والتحولات التي يشهدها المجتمع ؛وقد انعكس هذا التحول في الادوات والاساليب على التقاليد القديمة في معالجة الاحداث وتغيير القوالب الصحفية التي كانت تحتوي الخبر والتحقق الصحفي والمقال وساءر فنون الكتبة الصحفية الاخرى .بعد ان كانت الصحافة وسيلة لتغطية الاحداث واطلاع الجمهور على ما يجري في العالم الخارجي والمجتمع المحلي ؛اصبحت مهمتها اليوم متعددة ومختلفة ؛فقد اصبحت اداة لصنع الراي العام وتغيير الاتجاهات وتقديم خدمات في غاية الاهمية بالنسبة للمجتمع .
ويمكن اجمال مهمات الصحافة المعاصرة الاساسية في النقاط الاتية :تقديم عرض يومي لما يجري في العالم ؛تنوير المواطن بما يجري لتمكينه من المشاركة في القرار الديمقراطي ؛تقديم المعلومات العملية ؛تكوين القراء وتعليمهم ؛تقديم المتعة للقراء ؛نقل راي المواطن الى الدولة ؛مساعدة الدولة في التعبير عن برامجها وسياساتها . وقد ادت الثورة العلمية التكنلوجية الى ظهور ما يسمى بمجتمع المعلومات المواكب للقفزة الكبرى في تكنولوجيا الاتصال ؛ولا سيما في مجال الاقمار الصناعية واستخداماتها الواسعة ؛مما اسفر عن بروز اشكاليات جديدة وتحديات غير مسبوقة تتعلق بالوعي والقيم الانسانية وانماط السلوك البشري .
ان الطورات التي يشهدها العالم المعاصر لعولمة كل مكونات المنظومة الحضارية التي كانت تحتفظ باستقلال نسبي خارج دواءر وقيم السوق العالمية ؛تبرز الادوار الجديدة للاعلام والاتصال حتى كان تكنولوجيا الاتصال لم تعد تشغل موقعا مركزيا فحسب في شبكة الانتاج الصناعي ؛بل بدات تشغل موقع القلب في استراتجية اعادة تنظيم العلاقة بين القوى المحلية و العالمية ؛وبين المنتجين والمستهلكين ؛وبين العمال والمديرين ؛وبين الخبراء والنفذين .
وفوق ذالك ؛اصبح الاعلام مسؤولا عن الادوار الحاسمة في تدويل الاقتصاد والثقافة ؛ومن هنا ياتي دوره باعتباره محركا رءيسيا في خلق وتشكيل منظومة العلاقات الدولية ؛سواء على المستوى الرسمي بين الحكومات والانظمة ؛او المستوى الحضاري بين الثقافات المختلفة .ولا شك ان ظهور اشكال جديدة للرؤية والتفكير النقدي في مجال الاعلام والاتصال وعلاقته بالعالم المعاصر ؛قد اتاح لنا الكشف عن التغيرات الصحفية التي طرات على العلاقة بين النخب المثقفة التي تقوم بانتاج المعرفة والثقافة ؛وبين القوى الاجتماعية التي تستهلكها.
ان التغيرات الشاملة التي طرات على نظم وادارة تكنولوجيا الاتصال ولا سيما في مجال الاعلام المرءي والمسموع ؛ادت الى احتدام الجدل في الدور الثقافي للاعلام ؛وما يسمى حركة نقل التكنولوجيا الاتصالية واستخداماتها مما لم يكن مثارا خلال حقب سابقة.
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق