قصة الفتى الأصبهاني الباحث عن كنز الحقيقة
إنها قصة حقيقية، سطرها لنا التاريخ الإسلامي، فمن هذا الفتى الأصبهاني؟ وما الكنز الذي كان يبحث عنه؟ وهل وجده؟ وأين وجده؟
القصة الحقيقية للفتى الأصبهاني
كان هذا الفتى من بلاد فارس من أهل أصفهان، وكان أبوه غنيا، ورئيسًا لقرية" جيان" في أصفهان، وهذا الفتي من أحب خلق الله لوالده.
لذلك، قام أبوه بحبسه في البيت خوفاً عليه، وتعلم الفتى المجوسية" عبدة النار أو الشمس" حتى أوكل له اضرام النار ليل نهار، حتى لا تنطفئ.
كان لأبي الفتى مزرعة كبير، ناتجه كبير ووفير، ويقوم الأب على رعايته، وجني ثماره.
وفي ذات طلب الأب من الفتى، أن يذهب إلى المزرعة ليتفقده، لأنه مشغول في هذا اليوم.
ذهب الفتى إلى البستان، وفي طريقه مر بكنسة للنصارى، وسمع أصواتهم، وهم يصلون، ولم يكن قد سمع عن النصرانية قبل ذلك، فدفعه الفضول، فدخل الكنيسة.
أُعجب الفتى بصلاتهم، ولذلك مكث في الكنيسة، طوال النهار، ولم يذهب إلى المزرعة.
أثناء وجود الفتى في الكنيسة، سأل من فيها عن أصل هذا الدين، فأخبروه بأنه في بلاد الشام.
وعندما عاد الفتى ليلاً إلى بيته، قابله أبوه، وسأله عما فعل، فأخبره عمّا شاهد وسمع في الكنيسة.
ذُعر الأب، وأخبر ابنه، بأن دينه أفضل من دين هؤلاء، لكن الفتى قال: كلا، دينهم خير من ديننا.
خاف الأب على ابنه، ولذلك حبسه في البيت، ووضع القيد في رجله حتى لا يخرج.
ومع ذلك، استطاع الفتى التواصل مع النصارى، وطلب منهم اخباره عن أي رحلة أو ركب متجه نحو بلاد الشام.
ذهاب الفتى إلى بلاد الشام
بعد فترة قصيرة، أخبروا الفتى بأن هناك ركب متجه إلى الشام، فاستطاع أن يفك قيده، ويرافق الركب متخفياً حتى وصل بلاد الشام.
في بلاد الشام، أخذ يسأل عن أفضل رجال الدين، فدلوه على الأسقف" راعي الكنيسة" فمكث عنده يتعلم منه ويصلي ويخدمه.
كان هذا الأسقف رجل سوء، يكنز الصدقات، وبعد أن مات، أخبر الفتى عما فعل الأسقف، فصلب الأسقف ورجم.
سأل الفتى عن رجل آخر يلتحق به، فألتحق بقس آخر في الموصل، ولكنه مات، وقبل موته أوصى الفتى بالالتحاق بقس آخر.
وهكذا، حتى كان القس الرابع الذي أخبر الفتى، بأنه ليس هناك على وجه الأرض، من هو متمسكاً بالدين بما كنا عليه.
وقال القس للفتى: لكن قَرُبَ في هذا الزمان ظهور نبي، يخرج في بلاد العرب، يُبعث بدين إبراهيم.
بعد ذلك يهاجر هذا النبي إلى أرض ذات نخل بين حرتين، وللنبي علامات لا تخفى على أحد:
يأكل الهدية، ولكن لا يأكل الصدقة، ويوجد بين كتفية خاتم النبوة، ولذلك إذا استطعت فالتحق بتلك البلاد.
السفر إلى (يثرب)المدينة المنورة
والآن يحكي الفتى باقي قصته، فيقول:
وبعد وفاة القس الأخير، رافقت تجاراً من العرب، متجهين إلى بلاد العرب، وكنت أخدمهم، ووصلنا إلى وادى القرى" قرب المدينة".
وهناك باعني التجار إلى يهودي من بني قريظة، ونقلني معه إلى يثرب، وهناك رأيت النخل الذي وصفه لي القس الرابع.
وبعد مدة من الزمن، أتى ابن عم لسيدي، وأخبره بأن رجلاً من مكة، يزعم النبوة قد وصل إلى يثرب.
فما كان مني، إلا أن جمعت بعض من تمر، وتوجهت حيث نزل النبي، ودخلت عليه، وأخبرته، بأنني بلغني صلاحك، ومعك غرباء في حاجة للصدقة.
وقدمت الصدقة إليه، فقدمها لأصحابه، ولم يأكل منها، فقلت في نفسي: هذه الأولى، وفي يوم آخر، أخذت تمراً، وتوجهت إلى الرسول.
وقلت له: رأيتك لا تأكل الصدقة، ولكن هذه هدية، أكرمك بها، فأكل منها ،وطلب من أصحابه الأكل فأكلوا.
وهنا قلت في نفسي: هذه العلامة الثانية.
العلامة الأخيرة في كنز الحقيقة
ومرت الأيام، وبينما كان الرسول جالساً في بقيع الغرقد" مكان في المدينة المنورة"، وكان عليه شملتان، فسلمت عليه، وبعد ذلك نظرت إلى ظهره لعلني أرى الخاتم.
عندما رآني النبي، أنظر إلى ظهره، فهم وعرف مقصدي، فألقى رداءه، فنظرت فرأيت خاتم النبوة.
في هذه اللحظات، انكببت عليه أقبله وأبكي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خبرك؟
فقصصت عليه القصة، فسره ما سمع، وسُرَّ بها أصحابه.
أتعلمون، من هو هذا الفتى؟ إنه الصحابي العظيم: سلمان الفارسي رضي الله عنه، فسلام الله عليه يوم ولد، ويوم يبعث حياً.
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق