قصة عفة يوسف عليه السلام .
قال شيخ الإسلام بن تيمية : الاستعفاف ترك المنهي عنه .
إن العفة تاج: ومن الذي ينكر هذه الحقيقة!!!؟
قال بن القيم رحمه الله: (لم يزل الناس يفتخرون بالعفاف قديماً وحديثاً، قال إبراهيم بن أبي بكر بن عياش: شهدت أبي عند الموت فبكيت، فقال: يا بني! ما يبكيك؟ فما أتى أبوك فاحشة قط) فها هو ذا إبراهيم يفتخر وهو على فراش الموت بأنه عاش عفيفاً طوال عمره .. فأي افتخار هذا!! وأي معنى سام!!( من كتاب نداء إلى العفيفات لمجموعه من المؤلفين )
وما أعظمه من تسلح ،إنه جند متين وإنها العفة وما أعظم أجر العفة عند الله وما أجملها من صفة يتصف بها الأخ المسلم والأخت المسلمة.
وأنا والله لا أستطيع أن أسطر كلمة واحدة في العفة إلا وأشير إلى حبيبا إلى قلبي صلي الله عليه وعلى نبينا محمدا وسلم , انه نبي الله العفيف الطاهر قدوة الشباب الذي تسلح بسلاح العفة , نعم العفة التي جعلته يستحق الملك عن جدارة إنه الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن الخليل إبراهيم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام , حقاً إنه نموذجٌ عظيمٌ نقدمه لشباب الأمة بل ولنفسي , ما أجمله من عفيف وما أعظم روحه ...،جميل هو إيمانه وثقته بالله .
وتدبر معى كيف أخي لشاب بعيدا عن أرضه وهو في وقت شبابه وقوة شهوته بل وعَزَب لا زوجة له وتراوده امرأة ذات جمال ،بل ومنصب وغلقت أبوابها , وصارت الأمور آمنه بل امرأة تحبه حباً شديداً فإن نزل على رغبتها قدمت له كل ما يريد من أي شيء سواء مال أو غيره .
والمرأة هي التي تريد ذلك وغير ممتنعة فإن كثيراً من الناس يزيل رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها لما يجد في نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها .
ومع أن ميل الرجل إلى المرأة والعكس أمر فطرى جبل ربى الخلق عليه كعطشان عطش شديد في صحراء لا ماء بها وقد وجد الماء بعد طول بحث وعناء , ولقد جاء الماء إلى نبي الله يوسف بدون بحث أو عناء فهو رجل قبل كل شيء وعلى كل حال بعد كل هذا ماذا يقول قال : {مَعَاذَ اللّهِ} (سورة يوسف:23).
الله أكبر يا شباب الإسلام ،ثم ماذا تقول أيها النبي العفيف يا من مَنَّ الله عليك بأفضل الخُلق لعباده رجالاً كانوا أو نساءً { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ }وَكَانُوا يُطْلِقُونَ "اَلرَّبَّ" عَلَى السَّيِّدِ وَالْكَبِيرِ، أَيْ: إِنَّ بَعْلَكِ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ أَيْ: مَنْزِلِي وَأَحْسَنَ إِلَيَّ، فَلَا أُقَابِلُهُ بِالْفَاحِشَةِ فِي أَهْلِهِ، {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} كما ذكر بن كثير في تفسيره .
والآن تدبر مع هذه الكلمات ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ) كَمَا أَرَيْنَاهُ بُرْهَانًا صَرَفَهُ عَمَّا كَانَ فِيهِ، كَذَلِكَ نَقِيهِ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ. {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} أَيْ: مِنَ الْمُجْتَبِينَ الْمُطَهَّرِينَ الْمُخْتَارِينَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وأنا لا أريد أن أطيل في القصة إذ لو عشنا معها ما توقفنا منها الآن أبداً , ولكن أنا يعجبني في قصة النبي العفيف أمور , تدبر معي كي تتسلح بها إذا وقعت في مثل هذه الأمور .
ماذا فعل النبي الكريم عندما أيقن أن الأمر جد وأن امرأة العزيز قد جهزت نفسها أتم تجهيز بل تجملت وتزينت وأغلقت الأبواب وقالت هيت لك , ماذا فعل ! أولا استعاذ بربه لجأ إلى الله قال معاذ الله لماذا ؟ ثانيا : الاعتراف بالجميل وصون الأمانة , إذا دخلت بيت أحد سواء كان مسلماً أو غير مسلم وقد ائتمنك على بيته وعرضه فإياك ثم إياك أن تخونه ولو كانت امرأته بغياً والعياذ بالله, سواء رئيسك في عملك أو صديقا أو أخاً أو قريباً أو مجرد زيارة والله المستعان , نسال الله السلامة فلقد خان الأمانة كثير وكثير والله هو الستير .
ولقد دافع العفيف عن نفسه فقال هي راودتني عن نفسي , وذلك لابد أن ندفع عن أنفسنا عندما يساءُ الظن بنا من الآخرين , لكن بحكمة وموعظة حسنة .
أحبتي: وهاهو نبي الله يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام اسْتَعْصَمَ بالله بل وقَالَ: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34)}
هل تدبرت أخي وأنتِ أختي لحظْتي هذه الكلمات
السجن أحب إلى العفيف من الوقوع في المعصية , إنها العفة إنه حب الله ورضاه إنه الخوف من انقلاب الرحيم الحليم إلى المنتقم سريع الحساب انه الإيمان يا أخواتي .
وأنت : أي شيء تقع فيه تظن فيه الضرر في تركك لمعصية الله حتى إذا كان سبب في فصلك من عملك , أو العمل براتب أقل من أجل البعد عن المعصية أو ترك عمل مصدره من حرام , وترك عمل براتبٍ عالٍ لأنة يسمح بتبرج النساء اللاتي يعملن به ,
أختي وأخي :...لابد أن يكون تركه أحب إليكم من الوقوع في المعصية مع كثرة الداعي إليها وميل النفس بطبعها إليها أخي إنه اليقين في أجر الله العظيم لمن استعصم وتسلح بسلاح العفة أختي إنها الإرادة والعزيمة والآخرة خير وأبقى .
والآن تدبر معى { وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ } ماذا لحظت هل لحظت معى الذي لحظت هل تدبرت الذي تدبرته إنه الافتقار إلى الله , هيا عباد الله اطمعوا في الافتقار إلى الله وقولوا معى الآن يا رب أنا ضعيف فـقـوّني , يا رب أنا لا أستطيع أن أحقق التقوى إلا بك, يا رب لا أستطيع أن أدخل الجنة إلا من طريق رضاك عنى , يا ربِ مالي غيرك فقوِّني يا رب أنا أعترف أنى ضعيف أمام هذه الشهوات أمام العادة السيئة أنا معترف , فاللهم أكرمني واصرفها عنى واصرفني عنها لابد أن يكون لسان حالك هكذا أخي وأختي الكريمة يا مسلمون يا أحبتي والله , وتالله إن في الافتقار إلى الله لذة لا توصف لا يستطيع أحد أن يصفها إلا من وقع فيها .
نعم والله إن في الانكسار بين يدي الرب ومناداته ودعائه لذة لا توصف بل ارفع صوتك معى وقل صدق والله بعض العارفين لما قال : إنه لتكون لي حاجة إلى الله، فأسأله إياها، فيفتح علي من مناجاته ومعرفته، والتذلل له، والتملق بين يديه: ما أحب أن يؤخر عني قضاؤها وتدوم لي تلك الحال.
إنه الافتقار إلى الله بل أستطيع أن أقول لك أن الافتقار إلى الله علاج لترك أي معصية أيا كانت فنبي الله العفيف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام , ماذا قال له ربه بعد اعترافه بالافتقار إلى الله وإنه ضعيف ربما يقع في الفحشاء إلا لمَّا يصرف ربه عنه الفحشاء بل اعتراف أنه ربما يكون من الجاهلين ماذا قال ربه بعدما ناداه وكان صادقا في افتقاره :
{فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
أخي استجاب له السميع العليم حبيب قلبي , أختي الكريمة , ربكم سميع بل وعليم سميع لدعائكم ومناجاتكم وعليم بما يصرف عنكم العادة السيئة وغيرها من المعاصي فلا تبخلا على أنفسكما بالافتقار إليه واللجوء إليه , يا رب اصرف عنَّا العادة السيئة عاجلاً غير آجلٍ وسائر الفواحش ربى آمين , هيا ربكم سميع عليم قريب مجيب لكن اصدق الله أنت ولن يخيب الله رجاءك وإن ظلمك الظالمون وإن ظن فيك السوء والظنون وإن لامك الناس , لينصرنك الله ولو بعد حين لكن تسلًّح بسلاح العفة .
أخي اقرأ معي أختي: نَصَرَ ربُنا القدير نبيه الصديق عليه السلام : وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (57) .
تدبرتِ معي وأنت أُخيَّ نعم باختصار حتى لا نطيل أكثر من ذلك في هذه القصة العظيمة , فلابد أن نفرد لها كتاباً خاصاً , إن قدر الله لنا ذلك إن شاء الله .
نعم باختصار إنها سنة الله في خلقه ، إنه نصرُ الله إنه قول ربى {إن مع العسر يسراً} , إنه الجزاء من جنس العمل , إنها الجائزة لمن صبر واتقى وتسلَّح بسلاح العفة , وهب ربى الملك لنبيه الصديق العفيف بل ونصره وأظهر براءته أمام الجميع على لسان من اتهمه بالفحشاء وكان سبباً في دخوله السجن لبضع سنين , لماذا يا رب لأنه تسلح بسلاح العفة وإنه افتقار إليه واعتراف بضعفه وأنه لا شيء بدوني وماذا يا رب إنه كان من الصادقين علاوة على أنه كان من المحسنين وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ , ووهبت له التمكين وثقة الناس فيه من جديد {إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} .
أخواتي يا من أصبحتم ضعفاء أمام العادة السيئة وظننتم أنكم لا تستطيعون الخلاص منها فعليكم بعد الافتقار إلى الله واللجوء إليه والاستعانة به والصدق مع الدعاء التسلح بسلاح العفة , ولن يضيع الله أجر المحسنين بل وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ .
مات نبي الله يوسف ولم تمت عفته في شباب الأمة والقصص القديمة والمعاصرة لأهل العفة أكثر من أن تحصى ولا مجال لذكر بعضها هنا .
وكتبه : عمر عرفات
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق