من علاج العادة السرية استشعار لذة الانتصار على المعصية

من علاج العادة السرية استشعار لذة الانتصار على المعصية

 

الله أكبر قل لي أيها الشاب عن إحساسك عند حفظ أول جزء في القرآن , عن أول صلاة صليت بالمسلمين في المسجد , عن فرحتك عند اكتمال صيام يوم في سبيل الله , عن الانتهاء من حفظ القرآن الكريم وقد وعيته في صدرك ينتقل معك حيثما كنت لتقرأ منه ما تشاء وقت ما تشاء , عن قوه الإرادة وتركك للتدخين عن السعادة العارمة بسبب بعدك عن معصية ما , عن لذة أول صلاه فجر في حياتك,  عن أول سجود في عمرك عن لذة مناجاتك مع ربك وقد حرمت نفسك منها , بسبب لذة لحظية في مقابل خسران لا أقول للذة إنما لذات عظيمة في حياتك بل أنا على يقين أن كثيراً جداً من الشباب السبب الرئيس في بعدهم عن الله والتقصير في بعض العبادات بسبب هذه العادة السيئة .  

 

من علاج العادة السرية استشعار لذة الانتصار على المعصية
من علاج العادة السرية استشعار لذة الانتصار على المعصية

 

 

أختي هل يعقل أن نبيع الفاني بالباقي هل يعقل أن نحرم أنفسنا نعيماً دائماً في مقابل لا أقول لذة لحظية بل أقول دنيا بأكملها رخيصة زائلة فانية لا قيمة لها وليس هناك وجه مقارنة بينها وبين الآخرة حتى نقارن .

أخي تخيل أنك رأيت حبيبك صلي الله عليه وسلم  يوم القيامة حينما لا ينفع لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , وقد صافحته وقبلته بل وعانقته على شوق فلقد طال الشوق لرؤيا رسول الله , وتخيل وأنت تحادثه يا سيدي لقد كنت في عصر كثرت فيه الفتن عصر قولك بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً , لقد تكلم في عصري الرجل التافه يا رسول الله في أمور العامة , لقد ضيعت الأمانة حبيبي لقد صدق الكاذب وكذب الصادق يا رسول الله خوِّن الأمين واؤتمن الخائن , حبيبي كنت في عصر النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات  رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة اللاتي أخبرت عنهن , وغضضت بصري عن الحرام ولم يلتفت قلبي وحفظت فرجي وحافظت على الصيام ما استطعت إليه سبيلاً حتى مَنَّ الله عليه بالزواج ..  

وأنا يا رسول كنت منتقبة جزاك الله عنى خير الجزاء فأنا الآن أمشى في الطرقات كأني ملكة بفضل سنتك وكتاب ربى وصرفت بصري وقلبي عن الحرام  ولم  أفض خاتمي إلا بحقه.  

آه يا شباب ما أعظمها من لذة لا يساويها لذة , وأنت موجود مع الأعلام الذين كثيراً ما قدَّموا للإسلام والمسلمين من تضحيات وبذل الغالي والنفيس والولد والمال والنفس بل حتى إيثار الزوجة كان لهم حظ فيه , عاشوا للإسلام وماتوا على الإسلام من الصحابة الكرام رضي الله عن الجميع والتابعين العظماء رحم الله الجميع والعلماء العاملين الأجلاء جزاهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء .

آه ما قولك أمامهم ما هو دورك في الإسلام , ماذا قدمت لنصرة دينك هل يستقيم أن تكون الإجابة  كنت أسيراً؟؟ لكن لست في الحرب! إنما أسير الذنوب وعادة سيئة ضيعت عليا الدنيا والآخرة !! قلَّت همتي ذهب عمري ، ضاع أجلى ماتت أحلامي انتهت أنفاسي , وأنا أسير لها حقاً إنه الخسران المبين .   

 

ومن العجيب حقاً أنه بالرغم من اعتراف معظم العباد بأضرار العادة السيئة بل ولها موروث شعبي والحمد لله بأنها ضارة مضرة بفاعلها حتى لدي العامة من المسلمين بل وغير المسلمين إلا أنهم لا ينتهون عنها بل أعجب من ذلك يتباهون بها ويتفاخرون مجاهرين بالمعصية ولا حول ولا قوه إلا بالله ولكن لا مجال للاستغراب فقد قال الله تعالي : أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً  فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ) [ الأنعام : 122] ورسول العالمين يقول صلى الله عليه وسلم :  ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ) متفق عليه .

ورضي الله عن بن مسعود القائل : (هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر) 

ورحم الله القيم بن القيم القائل : وقد يمرض القلب ويشتد مرضه ولا يشعر به صاحبه، لاشتغاله وانصرافه عن معرفة صحته وأسبابها، بل قد يموت وصاحبه لا يشعر بموته ! وعلامة ذلك أنه لا تؤلمه جراحات القبائح، ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه، وتألم بجهله بالحق بحسب حياته . انتهي .

إغاثة اللهفان ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺋﺪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ - باب في علامات مرض القلب, وصحته - (1/113) 

 

وفي هذا يقول المتنبي : 

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ            ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ 

 

فينبغي لكل عاقل منا أن يتعهد قلبه من حين لآخر ويبحث فيه عن علامات صحته ومرضه فإذا تيقن عنده مرض قلبه فعليه أن يسرع ويفزع إلي علاجه قبل موته , فإن حياة القلوب بعد موتها يحتاج لجهد عظيم , ناتج عن مجاهدة وعناء كبير فلابد من إجراء فحص كامل للقلب في أغلب أوقات الليل والنهار لتظهر لنا إشاعة صحته من مرضه , فإن عُلم مرضه وقسوته فليكن العلاج لحمك ودمك قبل أن يصاب بالعمى فضلاً عن موته . 

وقد قال أحد الحكماء :  دواء القلب في خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن ، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين. 

ومما يعينك علي العلاج ما ذكره بن القيم في عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين , فتدبره واعقله وافقه فقد صدق والله وفيه النجاة يقول رحمه الله :

إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة: لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن : لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق: لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات : لا يطفؤها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه طلب شديد: لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب ، وفيه فاقة:  لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً  .  

وكتبه: عمر عرفات

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

مقالات مشابة
عن الناشر

كاتب ، ماجستير في الحقوق.

مقالات حالية
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
مارس 30, 2024, 2:32 م Shady Shaker
مارس 27, 2024, 1:58 ص نوره محمد
فبراير 28, 2024, 11:35 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:31 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:25 ص بسيونى كشك
فبراير 22, 2024, 7:36 م بسيونى كشك
فبراير 21, 2024, 9:31 م بسيونى كشك