إمبراطورية المغول ونهاية هولاكو خان

أصل المغول

هم شعب سكن شرق آسيا، وكانوا يعيشون قبائل متناثرة حول نهر (أونون) بين روسيا ومنغوليا.

 

إمبراطورية المغول ونهاية هولاكو خان

 

صراع على السلطة

بعد سلسلة من الصراعات على السلطة  بين أمراء البيت الحاكم المغولي  تولى مانكو خان بن طولي بن جانكيز خان عرش المغول عام 1250ميلاديا، وعمل على إقرار الأمن وإعادة الاستقرار، كما عمل على إعادة الإصلاح والنظم الإدارية واختيار القادة الأكفاء لإدارة شؤون ولاياتهم.

بعد استقرار الأحوال الداخلية لدولة المغول، بدأ مانكو خان يتجه للغزو الخارجي فجهز حملتين كبيرتين.

أرسل أخاه الأوسط (قوبلاي) على رأس حملة لفتح جنوب الصين ، كما نصب أخاه الأصغر  هولاكو على رأس حملة لغزو إيران والقضاء على الطائفة الإسماعيلية وإخضاع الخلافة العباسية.

لم يكن هولاكو في ذلك الوقت قد جاوز السادسة والثلاثين من عمره حين تولى قيادة تلك الحملة، وبلغ جيشه ما يقارب 220 ألف جندي من أكفأ الجنود والقادة.

كان الهدف من وراء تلك الغزوات إدخال البلاد من وراء نهر جيجون إلى مصر في الدولة المغولية وإخضاع أهل تلك البلاد لسيطرة المغول.

كان المغول يقدرون بالآلاف بحيث لاتستطيع الجيوش الانتصار عليهم، فاستولى هولاكو على إيران في غير عناء.

سقوط بغداد

أرسل هولاكو إلى الخليفة العباسي (المستعصم بالله) رسالة تهديد وتحذير شديدة اللهجة،  يطلب منه الاستسلام، وتسليم العاصمة بغداد ليسلم من شرهم.

قابل الخليفة العباسي  تحذير هولاكو بالاستهزاء ورد الرسل في كبرياء.

قرر هولاكو محاصرة بغداد بالمجانيق (أسلحة عظيمة تقذف الحجارة الضخمة لتحطيم الأسوار والحصون) وصوب الجيش المغولي سهامه وجميع أسلحته على بغداد حتى سقطت في أيديهم عام 1258 من الميلاد.

قتل المغول مايقار من 2 مليون نفس ، وأدركوا الخليفة العباسي وقتلوه أبشع قتلة.

ودمر المغول أعظم مكتبات العالم القديم مكتبة دار الحكمة التي ضمت آلاف الكتب في مختلف العلوم حيث ألقى المغول الكتب في نهر دجلة ومروا عليها بخيولهم.

وضاعت بذلك مصادر عظيمة من العلم والمعرفة على العالم ،حيث كانت تعرف بغداد بكعبة العلماء ودرة الإسلام.

وبتلك النهاية المؤلمة انتهت الخلافة العباسية بعد أن استمرت لمدة خمسة قرون من الأزدهار والتقدم.

بدأ هولاكو التفكير في غزو الشام ومصر  حسب الخطة التي أعدها لها أخوه مانكو خان، حيث إن أطماع المغول في الغزو تمتد للعالم أجمع وليس لأطماعهم حدود.

غزو الشام

خرج هولاكو من أذربيجان عام 1259  متجها إلى الشام ، حيث تحالف مع المسيحيين واستولى على (ميافارقين) بحلب، وهي أول مدينة هاجمها المغول بعد بغداد.

سقطت ميافارقين بعد عامين من الحصار بعد أن نفدت المؤن، وهلك معظم سكان المدينة.

وفي أثناء ذلك كانت قوات هولاكو تهاجم المناطق المجاورة، فاستولت على حران والرها.

قام هولاكو بعد ذلك بحصار حلب، ونصب  الجيش المغولي عشرين منجانيقا دك بها حصون حلب حتى استسلمت  عام 1260 من الميلاد.

بعدها سقطت قلعة حارم وحمص والمعرة حيث أصبح الطريق مفتوحا إلى دمشق.

فرار الملك الناصر يوسف الأيوبي

لما وصلت الأنباء بقرب المغول من دمشق فر الملك الناصر يوسف الأيوبي تاركا دمشق لمصيرها المحتوم.

أصاب الناس في دمشق رعب كبير من المغول لما علموا بما حدث للمسلمين في بغداد وبدأوا يتخيلون المغول وكأنهم كائنات متوحشة لايمكن هزيمتها، حيث ترك الكثير منهم دمشق متجهين إلى مصر واليمن وباعوا ما يملكون بأبخس الأثمان.

سارع زعماء دمشق وأعيانها إلى هولاكو يقدمون له الهدايا خوفا على حياتهم من المصير المحتوم الذي لاقاه كل من تحدى المغول.

دخل الجيش المغولي دمشق واغتروا بقوتهم، وظنوا إنهم لايمكن هزيمتهم من أي قوة على الأرض.

الحقيقة كانت ضربات المغول المتتالية بلاء عظيم من الله للمسلمين الذين تراخوا في دينهم وأغفلوا سنة رسولهم وضعفت عزائمهم وأهملوا القرآن، ولم يشغلهم إلا ملذات الدنيا ومتعها.

جاءت الأنباء إلى هولاكو بوفاة أخيه مانكو خان، وكان عليه أن يكون قريبا  من موطنه ليشارك في اختيار خان جديد للمغول ويساند أخاه الأوسط (قوبيلاي) فسافرهولاكو إلى إيران.

المغول على أبواب مصر

كلف هولاكو أمهر قواته كتبغا بمواصلة الغزو، وقبل أن يغادرهولاكو الشام أرسل إلى المظفر قطز  حاكم مصر رسالة تهديد كما تعود أن يفعل مع أي مدينة يريد غزوها.

لم يهتز قطز من رسالة المغول، واستضاف رسل المغول في قصره، وسمح لهم بالتجول في أنحاء البلاد إلا واحدا منهم حبسه في إحدى غرف قصر قلعة الجبل.

 

حقيقة إن رسل المغول كان معظم جواسيس يراقبون مداخل ومخارج المدينة، ونقاط القوة والضعف إلا إن المظفر قظز كان يعلم ذلك.

 

بعد نهاية جولتهم في البلاد أمر قطز أن تقطع رؤوسهم جميعا أمام الناس حتى يرى الناس إن المغول مجرد بشر مثلهم وليسوا وحوش لايمكن هزيمتهم كما تخيل معظم الناس في ذلك الوقت، ثم أمر قطز أن تعلق رؤوسهم على باب زويلة (أحد مداخل القاهرة).

 

أما من حبسه قطز من الرسل فأمر أن يحضر معه عرضا عسكريا لقوات وكتائب المسلمين، وكان قطز قد أعد جيشا مهيبا، وجهزه بكل الأسلحة الممكنة.

 

 

رأى آخر رسل التتار كتائب الجيش المصري، حيث قصد قطز بذلك إرهاب قوات المغول 

مفاجأة للمغول

 

لم ينتظر قطز أن يأتي المغول لغزو مصر، بل انطلق قطز بجيشه في أنحاء سيناء حتى بلغ غزة.

 

تفاجأ الجيش المغولي من سرعة رد فعل قطز، ولم يكونوا مستعدين فانسحبوا من غزة وكانت الجولة الأولى للمصريين.

 

ألتقى جيش المغول بقيادة كتبغا وجيش مصر بقيادة  قطزعند منابع قرية عين جالوت، ولذلك سميت المعركة بـ(عين جالوت).

 

كانت المعركة في يوم الجمعة الموافق 658 هـ -1260 ميلاديا في شهر أغسطس، واستمرت المعركة من الصبح وحتى الظهر، وانتهت بنصر المصريين على أكبر قوة في التاريخ في تلك الفترة.

 

نتائج معركة عين جالوت

 

1- احتفظت مصر بما لها من حضارة ومدينة، وطردت المغول من أرضها.

 

2- طرد الجيش المغولي من دمشق بعد مطاردة بيبرس لهم، وقتل منهم الكثير وهرب الباقون.

 

3- تخلصت أوروبا من شر عظيم لم يكن لأحد من ملوك أوروبا قدرة عليهم.

 

محاولة هولاكو الثأر من هزيمة عين جالوت

 

حاول هولاكو الثأر من الهزيمة المنكرة في عين جالوت، وإعادة هيبة المغول الضائعة خاصة وإنه لم يكسر له عسكر من قبل، فقام بمهاجمة حلب ونهبها، لكنه تعرض للهزيمة بالقرب من حمص ، وارتدت قوات المغول الفارة إلى ما وراء نهر الفرات.

 

سوء الأحوال السياسية لدولة المغول

 

لم تساعد الأحوال السياسية المغول على إعادة الغزو مرة أخرى، حيث تنازع أمراء البيت الحاكم في الدولة المغولية على السلطة.

 

انقسمت الإمارات المغولية إلى ثلاث إمارات مستقلة، استقل هولاكو بواحدة منها وهي خانية فارس، ثم دخل في صراع مع بركا خان زعيم القبيلة الذهبية واشتعلت الحرب بينهما.

 

كان هولاكو يعد نفسه نصيرا للمسيحية بتأثير زوجته توقس خاتون بينما أسلم بركا خان وناصر المسلمين.

 

أدى ذلك إلى تعطل أطماع الغزو التي سيطرت على الدولة المغولية لسنوات عديدة وتوقفت الحملات الخارجية تماما، وانتهى خطر أكبر قوة تعادي الإسلام في هذا الزمان.

 

 نهاية هولاكو خان

 

أصيب هولاكو في أواخر أيامه بمرض الصرع، حيث كان يصرع أكثر من مرة في اليوم الواحد وربما أكثر من ذلك.

 

حاول هولاكو القضاء على دولة المماليك بقيادة الظاهر بيبرس، إلا إنه فشل فإزدادت عليه العلة حتى قيل إنه كان يعوي كالكلاب في أواخر أيامه، ومات في 19 ربيع الاول عام 636 هـ في الثامنة والأربعين من عمره، تاركا وراءه إمبراطورية واسعة الأرجاء.

 

 

فلعنة الله على الظالمين ورحمة الله على الأبطال الذين ضحوا في سبيل نصرة الحق والعدل.

 

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

عن الناشر

معلم خبير محب للثقافة والتدوين

مقالات حالية
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
مارس 30, 2024, 2:32 م Shady Shaker
مارس 27, 2024, 1:58 ص نوره محمد
فبراير 28, 2024, 11:35 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:31 ص بسيونى كشك
فبراير 28, 2024, 11:25 ص بسيونى كشك
فبراير 22, 2024, 7:36 م بسيونى كشك
فبراير 21, 2024, 9:31 م بسيونى كشك