تعرف على القضاء في العصر العباسي
المقدمة :-
القضاء لغة هو الفصل بين الخصومات، وجاء في قوله تعالى " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا " سورة النساء، آية 58.
وكان الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) يتولى الفصل في الخصومات والمنازعـات بين المسلمين، ولم يكن للمسلمين في عهده قاض سواء، وعندما تولى الخلافة أبو بكـر الـصـديق (رضي الله عنه) اسند هذه المهمة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يتخذ لقب قاض، وفي خلافته توسعت حدود الدولة الاسلامية وتباعدت المسافة بين الخليفة في العاصمة وبين المسلمين في المناطق المفتوحة.
وازدادت وتنوعت المشاكل، ولهذا وجد الخليفة عمر بن الخطاب (رضـي الله عنه) انه لابد من تعيين قضاة في مختلف الولايات يعملون بكتاب الله وسنة نبيه الكريم، ولهذا اصبحت العدالة في المعيار الرئيس الحاكم العادل.
ولهذا كان اهتمام الخلفاء العباسيين في القضاة سمة واضحة في سياستهم وذلك لتعقـد الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وظهور المذاهب الاربعة ففي العراق عاد مذهب الامـام أبـي حنيفة بينما ساد المذهب الشافعي في مصر، والمذهب المالكي في الشام والمغرب والأندلس.
وقد نتج عن ذلك ان اصبح لكل ولاية قاض ومنها الموصل، وادخل العباسيون تطورا اساسيا في السلطة القضائية عندما حصروا سلطة تعيين القضاة بالخلفاء وحدهم، وكان أبو جعفر المنصور اول خليفة عباسي ولي قضاة الامصار من قبله.
القضاء في العصر العباسي
وذلك من أجل اضفاء الصبغة الشرعية علـى خلافته، ولذلك تولى القضاء في الموصل المع الفقهاء والمحدثين، وفي العهـد الاتـابكي اصـبـح القضاء في الموصل على مذهب الامام الشافعي، وبرزت عوائل علمية تتابع ابناءها فـي تـولي قضاء الموصل واطرافها مثل عائلة الشهرزوري المشهورة، ونال القضاة مكان اجتماعية مرموقة ومستوى معاشي مرتفع.
اولا: اهمية القضاء في العصر العباسي
اهتم الخلفاء والولاء العباسيين بتصفح احوال القضاة وتتبع اخبارهم والاطمئنان علـى الجراء الحكام الدولة بين الناس، فلقد كان دور الخلفاء مشهودا في بيان معـلم القضاء وكشف غموضه وازاحة علته.
ولهذا السبب ومن أجل سيطرة الدولة وزيـادة رقابتهـا علـى القـضاء استحدث منصب قاضي القضاة الذي يشبه في الوقت الحاضر منصب وزير العدل وربما الخطـر لانه لا ينظر في العدل فحسب بل في تقديم المشورة للخليفة فـي شـؤونه الخاصـة واعمالـه وحضور مجالس الخليفة ومصاحبته في اسفاره وحجه([1]).
وكذلك جاء هذا المنصب نتيجة للتطورات الادارية والقضائية وتعقدها وتوسع رقعة الدولة العربية الاسلامية مع شيء من المركزية والمرونة الفضائية "([2]).
ولما كان الخليفة هارون الرشيد اكثر الخلفاء اهتماماً بالعلم والعلماء اسـتحدث منصب قاضي القضاة، ويظهر لنا اهتمام الخلفاء العباسيين بأمر هذه الطبقة من رجـال العلـم والـدين، ويشير ياقوت الحموي أن هذا المنصب منوط بأهل العلم والعلماء([3]).
واستفسر الخليفة المأمون من قاضيه بشر بن الوليد عن شخصية أبو يوسف القاض وتميزه في البلاط العباسي في عهد والده، فوصفه له فاستحسن صفته وقال: وددت ان مثل هـذا بصرتنا فنترين به، ثم قال له: ما في الخلافة شيء الا وانا الحسن أن أدبره وأبلغ منه حيث اريد واقوى عليه إلا أمر أصحابك ([4]) ويقصد هنا القضاة.
وهنالك قول مشهور للخليفة المأمون يعكس مدى اهتمام الخلفاء بالقضاة من اجل العـدل والانصاف قال " ان اهم كل الامور القضاة والحاكم اذا كنا قد الزمنـاهم النظـر فـي الـدماء، والاموال والفروج والاحكام فوددت أني أجد مائة حاكم وأني اجوع يوما واشبع يوما "([5]).
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق