سيدى عبد الرحيم القناوى
( المغربى )

سيدى عبد الرحيم القناوى عالم دين وتفسير مغربى أشتهر بالزهد والصلاح والعبادة والتقوى هو عبدالرحيم بن أحمد بن حجون ينتهى نسبه إلى الأمام الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ولد فى مدينة ترغاى من مقاطعة سبتة فى المغرب عام ٥٢١هـ
أمضى طفولته فى تحصيل العلم فى جامع ترغاى الكبير على يد والده كما تتلمذ على يد كبار العلماء فلم يكد يصل الثامنة من عمره حتى كان قد حفظ القراَن الكريم وجوده تلاوة وفهماً
بعد وفاة والده رحل إلى دمشق وقضى بها ثمانى سنوات نهل فيها من علماء دمشق وقد بدا لهم ذكاء السيد عبدالرحيم وسرعة بديهته وميله إلى التصوف
وبعد ذلك قرر العودة الى بلده ترغاى وأجتمع علماء ترغاى وأصروا على إحلال السيد عبدالرحيم مكان أبيه فكان لهم ما طلبوا وفى أول درس يلقيه تكدس الناس لما بدا لهم من غزارة علم السيد عبدالرحيم الشيخ الصغير صاحب العشرين عاماً وذاع صيته وتوافدت عليه الناس من البلاد المجاورة
قضى السيد عبدالرحيم خمس سنوات على هذا النهج يقوم بواجبه من الوعظ والأرشاد بأسلوب ساحر أخاذ أبكى المستمعين تأثرا و إعجاباً
قرر السيد عبدالرحيم الأتجاه إلى الحجاز لكى يؤدى فريضة الحج وبقى فى البلاد الحجازية تسع سنوات قضاها متنقلاً بين مكة والمدينة ينهل من علم فقهائها وعلمائها تارة وعابداً معتكفاً بالبيت الحرام أو بمسجد المدينة تارة أخرى أو متنقلاً يسعى فى مناكبها للأتجار فى المحاصيل سعياً وراء كسب الرزق حتى يستطيع التفرغ للعبادة والعلم دون أن يكون عالة على أحد
حتى اذا كان موسم الحج العاشر التقى بمكة بأحد الشيوخ الأتقياء الورعين القادمين من مدينة قوص عاصمة صعيد مصر فى ذلك الوقت وهو الشيخ (مجد الدين القشيري) ودار بينهما حديث فتعارف فألفة وأصر بعدها القشيري على أن يصحبه الشيخ عبدالرحيم إلى مصر وإلى قوص وقنا بالذات حيث أن مجتمعها متعطش إلى علم وفضل أمثاله
وافق السيد عبدالرحيم على الرحيل إلى مصر فجاء بصحبة الشيخ القشيري الذى كان يعمل حينئذ إماماً بالمسجد العمرى بقوص وكان ذلك فى عهد الخليفة العاضد بالله أخر خلفاء الدولة الفاطمية ولكن السيد عبدالرحيم لم يرغب فى البقاء فى قوص وفضل الأنتقال لمدينة قنا تنفيذاً لرؤى عديدة أخذت تلح عليه فى الذهاب إلى قنا والإقامة بها ولأن قوص ليست فى حاجة شديدة إليه فقد كانت وقتها مليئة بالعلماء والفقهاء وكبار المفكرين
وبعد أن أمضى الشيخ عبدالرحيم ثلاثة أيام بقوص رحل إلى قنا حيث ألتقى بالشيخ عبدالله القرشي أحد أوليائها الصالحين فانعقدت أواصر الألفة بينهما وتحابا وتزاملا فى الله
ساعد جو قنا الهادئ الشيخ عبدالرحيم على حياة التأمل فأمضى عامين كاملين يتعبد ويدرس ويختلى بنفسه ولا يقطع عليه هذا الإختلاء إلا خروجه للتجارة التى يعتمد عليها فى معاشه فقد كان رحمه الله قد أتخذ لنفسه منهاجاً لا يحيد عنه طوال حياته وهو العمل بيده حتى يكسب قوته
ولما تولى الأيوبيون مقاليد الأمور فى مصر عملوا جاهدين فى القضاء على المذهب الشيعي السائد فى عهد الدولة الفاطمية ونشر المذهب السنى وكانت وسيلتهم فى ذلك تولية شئون البلاد لأصحاب المذهب السنى وخاصة المذهب الشافعي فأصدر الملك العزيز بالله ابن صلاح الدين الأيوبى قراراً بتعين الشيخ عبدالرحيم شيخاً لمدينة قنا وأصبح من ذلك اليوم يسمى يالقنائى
درت عليه التجارة فى قنا ربحاً وفيراً ساعدته فى الإنفاق على فقراء الطلاب والراغبين فى العلم
كانت مدرسة الشيخ عبدالرحيم مدرسة كاملة من العلم الصوفى المحمدي ولذلك لا يمكن أن نطلق عليه رضى الله عنه شيخ طريقة حيث أنه لم يحصر نفسه بين طائفة معينة من الناس
توفي الشيخ عبدالرحيم القناوى يوم الثلاثاء ١٩ صفر سنة ٥٩٢هـ بعد صلاة الفجر وعمره ٧١عاماً قضى منها ٤١ عاماً فى الصعيد
حاليا يعتبر مسجد سيدى عبدالرحيم القناوى من أهم معالم محافظة قنا فى صعيد مصر
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق