علاقة علم الاقتصاد بعلم القانون قد لا تبدو واضحة لشخص يفتقر إلى المعرفة في أي من المجالين، فهناك نوع من العلاقة بين القانون والإقتصاد، حيث إنَّ القانون لا ينظم العلاقات الاجتماعية فحسب ، بل ينظم أيضًا المتغيرات الاقتصادية، على سبيل المثال ، إذا كانت القوانين في دولة ما غير مواتية للابتكار، و الأعمال التجارية، و تنظيم المتغيرات الاقتصادية ، مثل معدلات الضرائب، و معدلات الفائدة، و جميع العوامل الأخرى، من المؤكد أنها ستؤثر سلبًا على اقتصاد بلد ما.
لذلك تقوم الدول باستحداث بعض القوانين المنظمة للعملية الاقتصادية، و إلغاء أخرى، هناك فروع مختلفة للقانون مثل قانون الأعمال و قانون الشركات و القانون البحري و قانون النفط و الغاز وغيرها من الفروع التي تتعلق صراحةً بتنظيم مجالات اقتصادية؛ حيث إنَّ فشل هذه الشركات في التنظيم سوف يؤدي إلى الفوضى و لن تجتذب المستثمرين أيضاً.
علم القانون العام وعلاقته بالاقتصاد
تسعى معظم النظريات التقليدية في الفقه القانوني إلى الكشف عن الجوانب الأساسية المحددة، التي تحدد علاقة علم الاقتصاد بعلم القانون، و التي من بينها تنظيم العلاقة بين الأفراد، وقد يتفق علم القانون و علم الاقتصاد بوصفهما علمين اجتماعيين، وقد لا يكون من المفاجئ أن القانون كثيرا ما يستخدم لتشجيع التبادلات التفاعلية.
و لكن يبدو من المبالغة الادعاء بوصف القانون من الناحية الاقتصادية، فإن جميع القوانين لا تستند إلى قوانين السوق، إلّا أنه و بالرغم من ذلك فقد ظهرت مدراس عديدة ، تنادي بإطلاق القوانين المنظمة على عمل الاقتصاد، و أخرى معارضة، بينما يسعى القانون العام إلى تصحيح نتائج نظام السوق الحرة، عن طريق الاقتصاديين، والاجتماعيين، الذين يجب أن يكونوا على علم بالبيئة القانونية التي تكون الأنشطة الاقتصادية.
طرق دمج علم الاقتصاد مع علم القانون
يتفاعل علم القانون مع علم الاقتصاد بعدة طرق، في حين أن القانون الخاص يساعد الأفراد و الجماعات على تنظيم الحياة الإجتماعية، فإنه أيضا بعد عاملاً مهماً في إدارة النشاط الاقتصادي، لمن هم على استعداد للدخول في اتفاقيات اقتصادية، بينما يجب أن يكون المحامون على دراية بالآثار الاقتصادية للقواعد القانونية الحالية.
والنتيجة المتوقعة في ظل نظام قانوني مختلف، يدمج القانون و الاقتصاد معًا اثنين من البنى الاجتماعية الأساسية للمجتمع في موضوع واحد، مما يسمح بدراسة متعددة الأوجه للمشاكل المهمة الموجودة في كل موضوع، كما يقوم علم الاقتصاد على أداة الفهم المطلق لعلم القانون كأداة لتعزيز الكفاءة الاقتصادية، ومن أهم التفاعلات و الدمج مابين علم الاقتصاد و علم القانون.
- تجنب فشل السوق
أحد الأمثلة على فشل السوق هو وجود الاحتكارات، و تمثل هنا حالة يكون فيها أحد الأطراف قادرا على جني ثمار الأرباح، من سلعة أكثر مما يسمح به السوق، في تلك الحالة يمكن استخدام القانون كأداة لضمان صعوبة إحداث الاحتكارات.
- ضمان المعاملات ذات الكفاءة الاقتصادية.
و يكون ذلك من خلال إنجاز العقود الصالحة، و الامتثال للشروط التعاقدية، يمكن للقانون ممارسة الدور الفاعل من خلال المحاكم أو القضاء، لتكون طرفا ثالثا، لضمان إتمام البيع والشراء.
- تحسين الأداء الاقتصادي.
تشرع العديد من الدول في سن قوانين ملزمة لمختلف أنواع الاقتصاد الكلي والجزئي، وذلك لتنظيم و تنوع الإدارة الاقتصادية المتمثلة في الاتفاقيات القانونية بين الدول، و رغم أن السلطة الاقتصادية دائما ما تكون هي اللاعب الرئيسي في المعادلة، إلّا أن القانونيين ما زالوا يلعبون الدور الحيوي في عملية التفاعل مبين الطرفين القانوني والاقتصادي .
تأثير القانون على الاقتصاد
يلعب القانون دوراً كبيراً و حيوياً في استقرار الحالة الاقتصادية للشعوب، و يُفترض على نطاق واسع أن سيادة القانون ضرورية للنمو الاقتصادي، ولكن يبدو أن سيادة القانون مفهوم متعدد الأبعاد ، يشمل مجموعة متنوعة من المكونات المنفصلة من أمن الأشخاص و حقوق الملكية ، إلى الضوابط على الحكومة و السيطرة على الفساد.
وراء هذه الآليات السببية المختلفة التي تربط سيادة القانون بالنمو الاقتصادي، و توفر مقدمة لبعض قضايا القياس المعلقة، و وجد أن الارتباط بين المكونات المختلفة لمفهوم علم الاقتصاد مع سيادة القانون، ليس وثيقًا في بعض البلدان، و أن بعض الاستنتاجات حول تأثيرات حماية حقوق الملكية الاقتصادية قد لا يكون لها ما يبررها.ولذلك تضع السلطتين القانونية والاقتصادية معا بعض الضوابط لكي يكون تأثير القانون على الاقتصاد أو العكس تأثيراً إيجابياً.
- ديناميكية العمل النظري.
أصبحت الأدبيات المتعلقة بسيادة القانون و النمو الاقتصادي واحدة من المجالات الأكثر ديناميكية للعمل النظري والتجريبي بين الاقتصاد والقانون.
- دمج البيانات.
يوجد العديد من البيانات غير الوطنية ، التي تهدف إلى قياس سيادة القانون أكثر مما نعرف، لذلك يجب دمج البيانات الاقتصادية العامة داخل الإطار القانوني.
- تحديد الضوابط.
في كل من أدبيات الاقتصاد و العلوم السياسية ، ركز الخط السائد في البحث النظري حول العلاقة بين سيادة القانون و النمو الاقتصادي على حقوق الملكية والمؤسسات المطلوبة لإنقاذها ، مثل الضوابط على استقلال الحكومة والقضاء. غالبًا ما تحدد هذه النماذج بشكل صريح أو ضمني النهب الحكومي باعتباره قيدًا رئيسيًا على النمو الاقتصادي.
- نبذ العنف.
تم تسليط الضوء على الدور المستمر للعنف باعتباره قيدًا أكثر جوهرية على عملية النمو، في العديد من البلدان النامية أو ما يسمى بالدول الفاشلة، وخاصة في افريقيا.
- جودة الحوكمة.
يشكل ضعف الحكومة وعدم القدرة على توفير القانون و النظام بمعناه الأساسي أكثر العوائق عمقًا أمام النمو الاقتصادي.
- محاربة الفساد.
الاعتقاد بأن النقاط الدقيقة في القانون أو استقلال القضاء أو الفساد تشكل العائق الأساسي أمام النمو الاقتصادي في مواجهة انهيار النظام، و انتشار العنف يبدو غريبًا ؛ بدلاً من ذلك ، فإن فشل هذه المؤسسات نفسها هو بالتأكيد نتيجة لفشل الدولة واستعادة النظام و بالتالي تلك هي المهمة الأساسية لسيادة القانون.
القانون الاقتصادي
يندرج القانون الاقتصادي تحت نوع الاقتصاد الكلي ، و هو عبارة عن عدة قواعد ملموسة، يتم التحكم فيها من قبل الحكومات الوطنية، و الاستفادة من التأثير الإيجابي لتلك القواعد، و الحد من تأثيرها السلبي في صورة قوانين منظمة لجميع أطراف المنظومة الاقتصادية، و حماية الأفراد المستهلكين، و تنقسم القوانين الاقتصادية بصفة عامة إلى ثلاثة أقسام تسمى في علم الاقتصاد التدابير، وهي:
- تدابير اقتصادية.
يعد الارتباط بين مؤشرات سيادة القانون للدول الصناعية المتقدمة أعلى بكثير منه بين الدول النامية ، و ذلك بفضل التدابير الاقتصادية اللازمة التي تؤدي بشكل أفضل من المكونات المنفصلة لسيادة القانون.
- تدابير قانونية.
وهي مجموع من العمليات الاقتصادية الفعلية التي تندرج تحت حكم العقد ، و هو بمثابة الشريعة، أو القانون المنظم لتلك البنود ، و تتبع غالبا إلى القانون الجنائي، الذي يتم فيه معاقبة الإخلال بالعقد.
- تدابير إدارية.
وهي مجموعة من القوانين الإدارية و المالية و المعاهدات التي تتصل اتصالاً مباشرا، بالعديد من النشاطات الاقتصادية، داخل البلد، وخارجها، يمكن تغيير تلك القوانين بحسب اختلاف الحالة التي يمكن أن يكون عليها الوضع الاقتصادي، و من أهم أنواع تلك القوانين.
- القوانين التجارية.
تشمل هذه القوانين مختلف الممارسات و العمليات التجارية داخل الدولة، مثل الضرائب، المبيعات، أو الإفلاس وغيرها.
- قوانين الخدمات المالية.
وهي معنية بشكل أساسي بالقطاعات المصرفية، و تنظيم حركة السوق من خلال إدارة الأموال، والعملات، و وضع اللوائح و القوانين العامة الملزمة لقطاع البنوك، كما تنظم هذه القوانين القطاع المالي لضمان ملائمته مع الهيئات التنظيمية الدولية.
- قوانين القطاع العقاري.
تنظم هذه القوانين الأنشطة العقارية المتعلقة بالتسجيل، الإيجار، و البيع، و الملكية بالإضافة إلى تطوير و تنظيم الممتلكات.
- قوانين المعاهدات البحرية.
تشمل كل القوانين المنظمة لإدارة النشاطات و المشاريع الاقتصادية، عبر البحار، مثل عمليات الشحن والتفريغ، و عمليات الاستيراد والتصدير.
- قوانين العمل.
منظومة تشريعية متكاملة لتنظيم سوق العمل و حفظ حقوق العمال.
- قوانين تنظيم الملكية الفكرية.
من خلال تنظيم استخدام حقوق النشر، و العلامات التجارية، وبراءات الاختراع.
إن أغلب الممارسات الاقتصادية و الاجتماعية يحب أن لا تتم إلّا في الإطار القانوني من خلال العلاقة بين علم الاقتصاد علم القانون.
و رغم أن بعض الحضارات القديمة نجحت في اكتشاف بعض الأنشطة التجارية والزراعية، مثل الحضارتين المصرية والصينية، إلا أنهما لم يزدهر إقتصاديا مثل ما حدث مع الحضارة اليونانية، التي نضج فيها علم القانون كمبدأ تنظيمي ينظم دورة الحياة الاقتصادية، ونكاد نجزم بأن أزهى عصور مصر الاقتصادية، هي التي برع فيها عزيز مصر يوسف عليه السلام فى تبني القوانين المنظمة لإدارة اقتصاد الأمة.
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق